الكثير من الابدا عات الفاصلة التي شهدها العرب والعالم. لكل منها وقعها الخاص، وصوتها المختلف
المصدر : الجزيرة
كان مجرد إعلان بالنسبة للكثيرين، تحذر فيه مؤسسة بيئية من يوم سيصطاد فيه الناس القنينات البلاستيكية من البحار عوض الأسماك، غير أن المغربي يوسف قلو التقط الرسالة بكثير من الطاقة والحماس والرغبة الأكيدة في الإنجاز.
وقرر هذا الشاب الثلاثيني إعادة تدوير المواد البلاستيكية، بتحويل العجلات المطاطية كراسي وطاولات يزين بها سطح منزله، ثم ما لبث أن تحول شغفه لتدوير القنينات البلاستيكية وأغطيتها (سداداتها) وصنع لوحات وأعمال فنية منها.
صيد الأيام
كل صباح، يغادر بيته ليبدأ مشوار كدح جديد حيث يعمل مراقبا في شركة نظافة، يصطاد القنينات البلاستيكية من مكبات النفايات ومن الشوارع، ثم يحمل صيده الثمين إلى منزله بأحد الأحياء الشعبية بالرباط.
يقول للجزيرة نت إنه جمع -في البداية- حوالي عشرة آلاف غطاء بلاستيكي، نظفها وصنفها حسب أحجامها وألوانها، ثم منحها حياة أخرى بعد أن صنع منها لوحات على الجدران والأرضيات وأعمالا يدوية متنوعة.
يستلهم أفكاره من الفسيفساء المغربية، فهو علاوة على كونه منشدا وقارئا للقرآن، عمل فترة من حياته في تركيب زليج الجدران.
لا يخفي الصعوبات التي يواجهها في العثور على الألوان والأحجام المختلفة للأغطية، فالأمر يتطلب منه تقليب النفايات والبحث بين مخلفات المنازل، ورغم نظرات الناس إليه وهو منهمك في البحث فإن ذلك لا يثنيه عن المضي في تحقيق هدفه، شعاره في رحلته “من عرف ما قصد هان عليه ما وجد”.
شغف وإنجاز
هو شغف تملك يوسف فصار هواية تملأ وقت فراغه وتعينه على تنمية ذوقه وحسه الفني. بعد نهاية الدوام، يفترش الأرض وحوله أولاده، يضع أمامه ألوانا مختلفة من الأغطية البلاستيكية والأدوات البسيطة التي يحتاجها في العمل، ثم يشرع في تنفيذ ما جاد عليه خياله الجامح من أفكار.
يرص الأغطية الملونة الواحدة بجانب الأخرى، ويجعل منها أشكالا هندسية متناسقة، يلصقها بغراء خاص، ثم خيط بلاستيكي، يتابعه أولاده بكثير من الانتباه والاهتمام، ويتسابقون لتقديم المساعدة وقتما طلبها.
وصنع هذا الرجل من القنينات البلاستيكية الكراسي وموائد وديكورات ملونة، ومن الأغطية لوحات من الفسيفساء وآيات قرآنية وإطارات وصناديق محارم ورقية وغيرها. يعرض على أصدقائه ومعارفه إبداعاته بين كل حين وآخر، يلح عليهم في تقييم ما صنعت يداه، فملاحظاتهم -كما يقول- تساعده على تطوير ما يقوم به، وتفتح أمامه أبوابا أخرى للإبداع والإنتاج.
بعفوية واضحة يقول “بعد اكتمال كل لوحة أو عمل تغمرني راحة كبيرة” ومرد ذلك شعوره بالإنجاز فهو، وفق تعبيره، يصنع من لا شيء أشكالا فنية مختلفة، ويحول ما استغنى عنه الناس إلى أعمال رغم بساطتها تترك في حياته فخامة وتضفي على أيامه بهجة.
البيئة جارة
عملُ يوسف في مجال النظافة جعله يدرك أهمية العناية بالمحيط البيئي، لذلك يحرص وهو الأب لأربعة أبناء على تكوين رابط بينهم وبين البيئة، يشركهم في هوايته ويربيهم على أنها جارة لا بد من الإحسان إليها ورعايتها والاهتمام بها وحمايتها من الأذى.
ويهدد التلوث البلاستيكي البيئة وبات يشكل خطرا حقيقيا على العالم، وتقول مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة إن ما يقارب 350مليونطن بلاستيك منتج سنويا لا تتم إعادة تدويره وينتهي به المطاف في المحيطات، وكشف تقرير حديث للصندوق العالمي للطبيعة أن 0.57 مليون طن من البلاستيك يتم رميها سنويا في مياه البحر المتوسط، أي ما يعادل 33 ألفا وثمانمئة قنينة بلاستيكية في الدقيقة.وبعد انتهاء مخزونه من الأغطية البلاستيكية، يقوم يوسف بتفكيك بعض اللوحات والأعمال اليدوية، ثم يعيد تركيب أشكال ولوحات جديدة بألوان ونقوش أخرى، يزين بها الأرض أو الجدران، فتبدو وكأنها فسيفساء أصيلة وزينة تضفي بألوانها وتنسيقها جمالا على المكان الموضوعة فيه. سناء القويطي-الرباط
المصدر : https://wp.me/pen5uR-FW
عذراً التعليقات مغلقة