الزيارة رغم قصرها، والجدل الذي صنعته، والإرباك العام الذي أحدثته لدى أطراف عربية ودولية، تُسجل في تاريخ الرئاسة التونسية الجديدة بأنها الأولى لزعيم خارجي لتونس. ويشاء القدر أن تكون لرئيس دولة مسلمة كبرى، وليس لرئيس دولة عربية.
وكان العرب أولى بتسجيل هذه اللحظة السياسية المهمة، بأن يكون حاكم منهم أول من تهبط طائرته في تونس التي تستحق التقاطر إليها باعتبارها مهد ديمقراطية عربية ناشئة.
لكن العرب يأتون دوماً متأخرين، إما غفلة، أو لحسابات عقيمة تنتمي إلى عجائب السياسة والعقل. والحكام العرب لا يحبون الديمقراطية، ولن يشجعوها في تونس أو غيرها. وهناك ما يشبه الصمت أو التجاهل في تفاعلهم مع الرئيس التونسي المنتخب. بل هناك ما يشبه عدم الترحيب المبطن به. غالباً كانت رغبة عواصم بعينها ألا يكون قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري هو الفائز بالرئاسة، إنما منافسه رجل المال والإعلام نبيل القروي المشتبه بالفساد.
التاريخ يُسجل أيضاً أن استقبال قيس سعيد للرئيس التركي هو النشاط الرسمي الأول للرئيس التونسي مع أحد قادة العالم، فلم يقم سعيد بأول زيارة خارجية له منذ استلامه السلطة، ومن المقرر أن تكون الجزائر محطته الأولى كما سبق وأعلن، لكن الزيارة تأجلت لمزيد من ترتيب الأوضاع الداخلية في البلدين
تصريحات مهمة
الزيارة تحمل إشارة سياسية
أردوغان أطلق من تونس تصريحات مهمة بشأن ليبيا، حيث جدد حديثه عن عدم قانونية المرتزقة الذين يقاتلون بجانب حفتر، وحدد عددهم إمعاناً في تأكيد معلومة وجودهم،(5000 سوداني، و 2000 روسي)، وجدد استعداده لإرسال قوات لحكومة الوفاق، وفي اليوم التالي(الخميس) قال في تركيا إنه يتوقع أن يمنح البرلمان تفويضاً لحكومته لإرسال قوات إلى ليبيا في 8 أو 9 يناير المقبل، وهذه رسالة للدول الداعمة لـ حفتر بأن رغبتها في الحسم العسكري ليس سهلاً، وأن موعد انعقاد البرلمان التركي بعد ما يقرب من أسبوعين قد يحمل دعوة مبطنة لمن يقفون خلف حفتر بأنه خلال هذه الفترة يمكنكم مراجعة مواقفكم وإسكات صوت البنادق والذهاب للحلول السياسية والتفاوضية، وإلا فإنها الحرب. وتقديري أن التركي لن يغامر بقوات في الخارج ليسقط في مستنقع لا يستطيع الخروج منه. المؤكد أن له حساباته على الأرض، خصوصاً وهو يعلم أن أطراف حفتر يمكن أن تنتقل إلى مرحلة القتال الواسع والصريح إلى جانبه.الرئيس التونسي أطلق هو الآخر تصريحاً مهماً حيث أكد أن مذكرتي التفاهم بين ليبيا وتركيا شأن يخصهما وحدهما فقط، وهذا الموقف المحايد والزيارة تحمل إشارة سياسية لافتة حيث تمثل التقاء ديمقراطيتين ناشئتين لبلد إسلامي، وآخر عربي، وفي هذا تعزيز لكون العرب والمسلمين جاهزين للديمقراطية، وأنهم ليسوا أقل من الشعوب الغربية
المصدر : https://wp.me/pen5uR-Fv
عذراً التعليقات مغلقة